ليس هناك أي خلاف حول أهمية التبرع بالدم من الناحية الصحية والإنسانية، وهو الأمر الذي شجع الكثير من المنظمات الصحية والإنسانية إلى تنظيم حملات التبرع بالدم والتوعية بأهمية وفائدة التبرع بالدم للمتبرع والمتبرَّع له.
ولكن ستناول في هذا المقال الحديث عن حقيقة تأثير الحجامة والتبرع بالدم في الوقاية من أمراض القلب والشراييين.
هل يمكن أن تغني الحجامة عن التبرع بالدم؟ أو بالعكس، هل يغني التبرع بالدم عن الحجامة؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتعرف على الفروقات بين التبرع بالدم والحجامة.
التبرع بالدم:
هو سحب الدم من وريد رئيسي مباشرة- أي الدم الجاري- وهو يشبه عملية الفصد التي كانت تجرى قديماً بإجراء شق في أحد الأوردة لإخراج الدم، والتي كانت تستخدم لعلاج بعض الأمراض كارتفاع ضغط الدم
ويحوي دم التبرع على لنسب من كريات الدم الحمراء، والبيضاء، والمواد الأخرى مثل الحديد مماثلة لتلك الموجودة في الدم الأصلي، وهذا يساهم في تجديد الدورة الدموية ككل.
الحجامة:
هي عملية شفط الدم من أوردة صغيرة فرعية في الجلد- أي الدم الراكد- وهذا الدم يكون مكاناً ملائماً للرواسب، والسموم، وتجمع الكريات الحمراء الهرمة. تستخدم الحجامة في علاج العديد من الأمراض، وتعد من السنن النبوية.
يحتوي دم الحجامة فقط على الكريات الحمراء الهرمة والسموم، وتبقى الكريات البيضاء والحديد في الدم الأصلي. وبالتالي فإن الحجامة تساهم في تجديد الكريات الحمراء فقط.
ملاحظات هامة للمقارنة بين التبرع بالدم والحجامة:
التبرع بالدم والحجامة عمليتان مختلفتان تماماً، ولكل منهما دوره وأهميته، ولا يمكن أن يغني أحدهما عن الآخر.
الحجامة يمكن أن تجدد الكريات الحمراء وتخلص الجسم من السموم، إلا أنها لا تجدد مكونات الدم ككل، ولا تقلل من نسبة الحديد التي يرتبط ارتفاعها بعدد من الأمراض.
بالمقابل، لا تفيد عملية التبرع بالدم في التخلص من الدم الراكد الحاوي على العديد من الكريات الحمراء الهرمة والرواسب السامة كما تفعل الحجامة.
التبرع بالدم لتخفيض الضغط والوقاية من حدوث الجلطات
يوجد توازن طبيعي بين خلايا الدم الحمراء المنتجة حديثاَ والقديمة منها والتي يتم إزالتها من الدم. وتكون الخلايا القديمة أقل مرونة وأكثر ميلاً للتجمع على جدران الأوعية الدموية. وتسبب مثل هذه التجمعات الكبيرة من خلايا الدم الحمراء القديمة في الأوعية إلى مخاطر عدة، لأنها تزيد من سماكة هذه الأوعية وبالتالي ترفع الضغط الدموي. كما يمكن أن تكون هذه التجمعات بؤرة لتشكل جلطة قد تؤدي إلى أزمة قلبية.
أشارت بعض الدراسات إلى ارتباط بين زيادة نسبة الحديد في الدم وزيادة خطر حدوث الجلطات الدموية، وذلك لأن الحديد يسهم في تنشيط أنزيم ليبيد بيروكسيداز الذي يقوم بأكسدة الكوليسترول المنقول عبر الدم ويؤدي إلى ترسبه على جدران الأوعية الدموية كخطوة إلى تشكل الجلطة.
وبناء على ذلك، بما أن التبرع بالدم يساهم في تحفيز إنتاج خلايا دم حمراء جديدة والتخلص من خلايا الدم القديمة، و كذلك يساهم في تقليل نسبة الحديد، فإنه بالتالي سيساهم في تخفيض ضغط الدم ويقي من حدوث الجلطات.
هل يوجد خطر في حال تبرع مرضى القلب والأوعية الدموية بدمهم؟
لا تعد أمراض القلب والأوعية بحد ذاتها مانعاً من التبرع بالدم، بل بالعكس قد يكون للتبرع بالدم فوائد جمة لمرضى القلب والأوعية والتي ذكرناها آنفاً. ولكن يجب تقييم إمكانية التبرع من عدمه وفقاً لحالة كل مريض بإشراف طبيب مختص.
يمكن لمريض القلب أن يتبرع إذا كان يأخذ أدويته بانتظام، ويضبط ضغطه، ولم يتعرض لأزمة قلبية أو عملية جراحية خلال الستة أشهر التي تسبق تبرعه بالدم؛ إلا أن هذا يحتاج إلى تقييم من طبيب مختص كما ذكرنا من خلال إجراء فحوصات واختبارات طبية محددة.